أساليب العراف في الإقناع
يدعي البعض قدرته على قراءة المستقبل فينشرون توقعاتهم العامة عن العالم وما سيحل به من كوراث وحروب وغيرها سواء في الصحف أو عبر البرامج التلفزيونية وربما يصدق الكثيرون ما يقوله هؤلاء عن مستقبل حياتهم الشخصية أو عن ما يتنبؤون به من الأحداث التي ستقع في بلدانهم، وفي أيامنا هذه تزايدت شهرة العرافين حتى أنهم أصبحوا نجوماً تتبناهم القنوات التلفزيونية فيطلون علينا في ليلة رأس السنة الميلادية أو خلال شهر رمضان المبارك، العرافة فن قديم ولم يبدأ مع نوستراداموس ولكل عراف طريقته في قراءة المستقبل فمنهم من يستخدم التنجيم Astrology (علم الفلك كما يزعمون) أو يستخدم علم الأرقام Numerology وما تقوله أو يخبرنا بما يتراءى أمامه في الكرة البلورية أو عبر فك رموز قراءة الفنجان أو ورق التاروت أو خط الكف ..الخ ، لكن في السنوات الأخيرة خرج لنا جيل جديد من العرافين لا يستخدمون أياً من تلك الوسائل وإنما يدعون بأنهم يخبرونا بما يظهر لهم من رؤى ذهنية أو ما يحسون به فينفون أية صلة لهم مع الجن أو أرواح أخرى ويكتفون بالقول بأن لهم موهبة خاصة خارقة للعادة أمثال مايك فغالي و ميشيل حايك وسمير زعيتر، ولعل الكثير منا يتساءل عن كيفية توصلهم لمعلومات عن حياة الشخص بمجرد التطلع في صورته أو سماع صوته ، فيما يلي ذكر لوسائل الإقناع القديمة والجديدة التي يستخدمها العراف بذكاء ليؤثر في أذهان الناس ويكسب ثقتهم ، تسمى يتقنيات القراءة الباردة Cold Reading Techniques.
ما هي القراءة الباردة ؟
القراءة الباردة هي سلسلة من التقنيات التي غالباً ما يلجأ إليها العراف أو قارئ الطالع للإتيان بمعلومات عن الأشخاص ليقنعهم بأنه يعرف عن موضوع ما أكثر مما يعرفونه هم حول أنفسهم. وبدون أي معرفة مسبقة عن الشخص يستطيع العراف المتمرس الحصول على قدر كبير عن تفاصيل الموضوع المطروح بسرعة فائقة وذلك بمجرد تحليل لغة الجسد (حركات جسمه) وعمره و مظهره وجنسه ودينه وعرقه وأصله ومستواه التعليمي وأسلوبه في الكلام وحتى مكان نشأته. يتمتع العراف عادة بقدرة قوية في التركيز على الإحتمالات الأكثر وروداً في الموضوع المطروح(صحة ، عمل ،عاطفة) فيأتي بتخمينات بناء على الإشارات العديدة التي التقطها حول الشخص فيركزعلى التخمينات الناجحة ويسترسل بتخمينات أخرى تتوافق معها ويحاول دائماً تجنب أية طرح تخمينات فشل في توقعها فيتوقف عنها وينتقل لفكرة أخرى وهكذا يكتسب العراف الخبرة مع مرور الوقت.
أبرز تقنيات القراءة الباردة
يعتبر كتاب "الحقائق الكاملة للقراءة الباردة" The Full Facts of Cold Reading للمؤلف "أيان رولاند"وهو لاعب الخفة البريطاني أكثر المراجع شمولاً في شرح أساليب الإقناع التي يستخدمها العرافون. يناقش المؤلف في كتابه أكثر من 20 أسلوب (تقنية) مختلفة بما فيها "حيلة قوس قزح" Rainbow Ruse و الإطراء المفرط Fine Flattery وعبارات "برانوم" Branum Statements و التصويب Shotgunning
1- التصويب Shotgunning
هي من الأساليب الشائعة لدى العرافين خصوصاً أولئك الذين يظهرون على التلفزيون، يقوم خلالها العراف بالإفصاح عن كمية كبيرة من المعلومات العامة جداً على وبأسلوب بطيئ، قد يكون بعض تلك المعلومات دقيقاً أو قريباً من الواقع أو يثير اهتمام الشخص أو يستفزه، ومن ثم يقوم العراف بدراسة رد فعل الشخص عليها لكي تساعده في تضييق مجال تخميناته وتركيزها في مجال أكثر دقة إعتماداً على الإستجابات العاطفية التي يراها على الشخص (من خلال نبرة صوته أو مشاعر وجهه). سميت تلك التقنية بذلك الاسم لأن إصابة الهدف تكون صعبة في البداية ولكن مع توالي محاولات التصويب نقترب شيئاً فشيئاً من إصابة مكان الهدف.كأن يقول العراف للشخص بأنه فقد شخصاً قريباً له باسم شائع مثل اسم محمد . كما قد تتضمن محاولات التصويب سلسلة من العبارات المبهمة مثل:
- "أرى أن هناك مشكلة في القلب تصيب فرداً يكون بمثابة أبيك في عائلتك ، قد يكون أبوك أو جدك أو عمك أو حتى عمتك ، أرى بوضوح ألماً في الصدر هنا يصيبه".
- "أرى سواداً يحيط بامرأة ليست بقريبتك ، كانت معك خلال نشأتك ، خالة أو صديقة أمك أو زوجة أبيك ، أراه في الصدر ، سرطان رئة، مرض قلب ، سرطان ثدي".
- "أستشعر رجلاً عجوزاً في حياتك ورغم أنك لست على وفاق معه إلا أنه ما زال يحبك".
2- عبارات برانوم Branum Statements
سميت بذلك الإسم نسبة لرجل الإستعراض الأمريكي "بي.تي برانوم" وهي عبارات تبدو شخصية رغم أنها تنطبق على العديد من الأشخاص، تكون تلك العبارات غالباً ذات نهاية مفتوحة لتعطي العراف أكبر حيز في سرد تخميناته اللاحقة، وهي عبارات مصممة لاستخراج أية استجابات محددة من قبل الشخص. وهكذا تصبح العبارات اللاحقة أكثر طولاً وتعقيداً لأنها تحمل تفاصيل أكثر.تعتمد تلك العبارات على حماس الشخص في ملئ الفراغات في المعلومات التخمينية التي يقولها العراف وتهدف إلى إنشاء ارتباط بين ما قيل وبين تاريخ حياة الشخص برمتها. وهناك أمثلة على تلك العبارات منها:
- "أستشعر أنك لا تشعر بالامان خصوصاً مع الناس الذين لا تعرفهم جيداً".
- "لديك صندوق يحتوي على صور غير مصنفة في منزلك".
- "لديك حادثة مرتبطة بمرحلة طفولتك لها علاقة بالماء""لديك مشاكل مع صديق أو قريب"."توفي والدك نتيجة لمشاكل في صدره أو بطنه".
فيما يخص بالعبارة الأخيرة ، فإن العراف يقولها في حال تأكد من موت الأب ويمكن لتلك العبارة أن تشمل عدداً كبيراً من الأسباب كمرض القلب والسكري ومعظم أشكال السرطان ومعظم أسباب الوفاة بالعموم.
3- حيلة قوس قزح Rainbow Ruse
هي عبارات فيها دهاء وتضيف ميزة على طبائع الشخص وفي نفس الوقت تأتي بعكس تلك الميزة. بمساعدة تلك العبارة يستطيع العراف أن يشمل كل الإحتمالات فيبدو أنه يتوصل إلى وصف دقيق لما حدث على الرغم من أنها عبارة مبهمة ومتناقضة، تستخدم تلك التقنية لأن طبائع الشخصية هي أمور لا يمكن قياس كميتها ولأن معظم الناس تقريباً تحدث معهم مشاعر مختلطة في نفس الوقت خلال حياتهم. ومن تلك العبارات نذكرعلى سبيل المثال:
- "تكون إيجابياً ومبتهجاً في معظم الوقت، لكنك كنت منزعجاً جداً في وقت مضى ".
- "إنك شخص لطيف ويعتمد عليه لكن عندما لا يستحق أحدهم ثقتك تشعر بغضب متأجج".
- "أرغب بأن أقول بأنك خجول وهادئ في معظم الأحيان، لكن عندما يتقلب المزاج تصبح بسهولة مركز الإنتباه".
وهكذا يمكن للعراف أن يختار مجموعة متنوعة من تلك العبارات التي تتناول طبائع الشخصية فيما يفكر بنقيضها أو عكسها، ومن ثم يجمعها معاً في عبارة واحدة ويخلطها بعوامل أخرى كالزمن والمزاج .
أشهر العرافين العرب
1-
مايك فغالي - لبنان
مايك فغالي هو ضيف برنامج "شو تتوقع ؟ مع مايك فغالي" الذي تعرضه حالياً قناة OTV اللبنانية وذلك في كل أمسية من رمضان 2009 ، لا يتكلم فغالي عن مصدر المعلومات التي يأتي بها شأنه شأن معظم العرافين للحفاظ على سر المهنة لكنه يدعي أن هناك إيحاءات أو أحاسيس ترواده فقط عند مجرد سماع صوت الشخص لمدة لا تتجاوز 10 ثوان. يلاحظ على مايك فغالي تعمد إصباغ مظهر غامض للجمهور ويساعده في ذلك مقدم البرنامج إيلي شويحان من خلال لحظات الصمت وحركة الكاميرا أمام عيني مايك فغالي وهذا بحد ذاته يخلق جواً ملائماً لإقناع بعض المشاهدين (أغلبهم من النساء، ربما لأن العاطفة طاغية عند الأنثى) فيتحمسون للإتصال خصوصاً أولئك المتلهفين لمعرفة المستقبل في الصحة والعمل والعلاقات العاطفية، يلاحظ عن فغالي تكراره بشأن تحسن العمل بعد عدة أشهر (او قبل نهاية العام الحالي)، وعند ذكره للأحوال الصحية يركزه على آلام الظهر لأنها شائعة أصلاً في عصرنا ، ولتلويحه بفكرة السفر (كون معظم المتصلين من لبنان ويعرف عن الشعب اللبناني كثرة هجرته وشيوع تلك الفكرة في حياته)، وفي العلاقات العاطفية يطلب فغالي دائماً عدم تدخل الأهل أو أن لا تضغط الفتاة على عشيقها لئلا ينفر منها. فإن كان مايك على دراية فعلية بأحوال الناس وتفاصيل حياتهم أليس من الجدير بالذكر أن يعرف أولاً اسم الشخص أو على الأقل عدد أطفاله أو حالته الإجتماعية بعد ان يسمع صوته ؟ ، لا شلك أن للعراف مهرباً أو إجابة جاهزة عندما نواجهه بكذب إدعاءاته ، فهو ذكي في صياغة كلامه لئلا يؤخذ عليه فيبقي العبارات ضبابية وقابلة للتأويل المتنوع. لذلك يتجنب دائماً الدقة في راوية تفاصيل الحدث المستقبلي
2/ميشيل حايك - لبنان
يزعم أنه لا يعلم مصدر رؤاه المستقبلية ، ويصف نفسه "نواستراداموس الألفية" في موقعه على الأنترنت الذي سيفتتحه قريباً، يظهر عادة في تلفزيون LBC اللبناني. ويقتصر لحد الآن على التوقعات العامة دون الخوض في التوقعات الشخصية للأفراد في وسائل الإعلام
3-سمير زعيتر - لبنان
يزعم أنه لا يعلم مصدر رؤاه المستقبلية. يظهر عادة على شاشة تلفزيون الجديد New اللبناني
4- عبد القادر دقاق - سوريا
يلقب نفسه بالفلكي إعتماداً على ما درسه في الهند ، ويستخدم ما تعلمه في التنجيم لقراءة المستقبل ، ظهر في برنامج "مع هالة سرحان" في قناة ART السعودية لمناقشة موضوع الجن وأثره في حياة الإنسان،نفى أن يكون للجن السفلي دور في ما يراه من توقعات واكتفى بأنه علم درسه.
5- ثابت الألوسي - العراق
يستخدم الكرة البلورية وعلم الأرقام Numerology لكشف مستقبل الشخص وكانت له علاقات مع مشاهير رجال الأعمال والفن والسياسة وأصدر فيما مضى مجلة تحمل اسم "البلورة"، وصرح سابقاً أنه سيغير اسمه إلى "لوسي" عوضاً من "الألوسي" لأنه يجلب له حظاً أكبر.
هدف سياسي و ربحي
وأخيراً .. لا يخفى علينا أن بعض القنوات تلجأ للعرافين لنشر أجندتها السياسية ولما تعرفه من تأثيرها على المشاهدين وتساهم في زيادة نسبة المشاهدة وتحقق مزيداً من العائدات الإعلانية خصوصاً في شهر رمضان المبارك، ولمعرفة رأي الإسلام حول العرافة يمكنك القراءة
ما حكم الذهاب إلى الكهان والعرافين كمن يقرأ الكف والفنجان فهل هذا حرام أم حلال ؟
أفيدونا مأجورين
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذا الأمر من الكهانة والكهانة من الأمور المحرمة لأنها محاولة لمعرفة الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، وقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم في الذي يذهب إليهم إن كان مصدقاً بما يقولون بالكفر الأصغر كما يقول العلماء قال صلى الله عليه وسلم : "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد" [ رواه الإمام أحمد].
فأطلق الرسول عليه أنه كافر .
أما إن كان الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب ولكنه يذهب للتجربة ونحوها، فإنه لا تُقبل له صلاة أربعين يوماً، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" [ رواه مسلم ]. هذا مع وجوب الصلاة والتوبة عليه. أما إن أراد أن يظهر دجله و كذبه للناس فلا بأس من ذلك .
فعلى المسلم المطيع لربه أن يقلع عن هذه الأعمال وأن يلتمس الرضا من الله سبحانه وتعالى وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه وأن يقلع عن هذه الأمور الشركية
يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الكهانة فعالة مأخوذة من التكهن ،وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور لا أساس لها ، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصل بهم الشياطين وتسترق السمع من السماء وتحدثهم به ، ثم يأخذون الكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من القول ، ثم يحدثون بها الناس فإذا وقع الشيء مطابقا لما قالوا اغتر بهم الناس واتخذوهم مرجعا في الحكم بينهم ، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل ، ولهذا نقول : الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل .
والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول :
أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه ، فهذا محرم ،وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوما ، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال ( من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما أو أربعين ليلة ) .
القسم الثاني :
أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به ، فهذا كفر بالله عز وجل ، لأنه صدقه في دعوى علمه بالغيب ، وتصديق البشر في دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) ـ النمل : 65 . ولهذا جاء في الحديث الصحيح : ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
القسم الثالث :
أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس ، وأنها كهانة وتمويه وتضليل ، فهذا لا بأس به ، ودليل ذلك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أتاه ابن صياد ، فأضمر له النبي ، صلى الله عليه وسلم ، شيئا في نفسه فسأله النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ماذا خبأ له ؟ فقال : الدخ يريد الدخان .. فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( اخسأ فلن تعدو قدرك ) .أهـ
والخلاصة :
أن أحوال من يأتي إلى الكاهن ثلاثة :
الأولى : أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه ، وبدون أن يقصد بيان حاله فهذا محرم ، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة .
الثانية : أن يسأله فيصدقه وهذا كفر أصغر بالله عز وجل يجب على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله عز وجل وإلا مات على المعصية.
الثالثة : أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس فهذا لا بأس به .
والله أعلم
للأمانه منقول لتعم الفائده على الجميع